بوزيان القلعي


عندما نُفي الأمير عبد القادر، حَسِبَ الاحتلال أن الطّريق إلى تركيع الجزائر قد أصبح سهلا ممكنا، لكنّ الأحرار سرعان ما انتفضوا هنا وهناك جماعات وأفرادا مذكّرين فرنسا بالحقيقة المرة: "هذه الأرض لنا وليست لغيرنا".. من هؤلاء الأحرار نذكر اسما خالدا في التّاريخ الجزائري الشّعبي والرّسمي، إنّه بوزيّان القلعي. فمن هو يا ترى؟

لماذا يصر البعض على رفض المرجعية الدينية للجزائر؟.. الجزء الثاني

إن المتابع للفئة القليلة التي ترفض المرجعيّة الدينيّة للجزائر يلاحظ استماتة غريبة وغير شريفة في تغيير الواقع أملا في تغيير المعطيات التي أشرنا إليها آنفا.
فتجدها مثلا تدافع عن ممارسات لا يقبلها المجتمع ويرى فيها تعدّ على حرمته ومبادئه محاولة شرعنتها متى أتيح لها ذلك، من شذوذ وخمور وزنا، لأنّها مقدّمة الانسلاخ من الدّين. فتبنّيها لهذه الانحرفات ليس نابعا من دفاعها عن الحرّيّات -لأنّها لا تقبل بها في أهلها مثلا- بل لأنّ الدّين يحاربها، ومتى انتشرت، كان ذلك داعيا لانسلاخ أصحابها من الدّين وأمكن بعد ذلك الحديث عن شريحة مجتمعيّة لا دينيّة!
وتجدها أيضا مستميتة في إبراز تنوّع دينيّ في الجزائر خارج إطاره الحقيقي والطّبيعي، فإذا كان التّواجد المسيحيّ في الجزائر في أقليّات عبر مدن قليلة هنا وهناك، فإن العمالة الوافدة من الصّين والهجرة غير الشّرعية من دول السّاحل والخبرات الكوبيّة والأوروبيّة ليست أقلّيات جزائريّة، واستجلابها لم يكن يوما من سلطة شرعيّة مرضيّة من الشّعب، فما بالك بالتّصريح لها بالإقامة الدّائمة وتشكيل نواة أقلّية دينيّة تنخر النّسيج الإجتماعي للبلاد. وليس هذا من العنصريّة في شيء! إنّما نتكلّم هنا عن سياسة توطين وتجنيس ينبغي أن تخضع لتشريع يقرّه الشّعب عبر مؤسّسات شرعيّة مرضيّة منتخبة!
هذا غيض من فيض من طرق الإبعاد التّدريجي للمجتمع عن المرجعيّة الدّينيّة والّتي وإن كانت لا تظهر نتائجها في المنظور القريب، ولكنّها وخيمة العواقب في منظور الأجيال القادمة.

لماذا يصر البعض على رفض المرجعية الدينية للجزائر؟.. الجزء الأول

تصرّ بعض الأقلام والأصوات الشّاذّة على رفض المرجعيّة الدينيّة للجزائر. وعندما أصفها بالشّاذة، فأنا لا أسبّ ولا أشتم، ولكنّي أصف حالة، فعلى الرّغم من الزّخم الإعلامي الذي توفّره القنوات والمؤسّسات الإعلامية لهذه التّوجّهات، فإنّها قليلة ونادرة إذا ما قورنت بجماهير النّخبة الصّامتة والمغيّبة طوعا أو قسرا.
تصرّ هذه الأصوات والأقلام على تصوير حتميّة الحضارة والتّقدم والمدنيّة في الجزائر على أنّها لا دينية، وإذا قلنا لا دينية، فنحن نقصد طبعا لا إسلاميّة، لأنّ الدّين في الجزائر هو الإسلام بالغالب والغالب جدا. وتكلّمنا كثيرا على أنّ المرجعيّة الإسلاميّة للجزائر لا تعني إقصاء الأديان الأخرى، بل تعني إظهار مكوّن أصيل في الشّخصية الجزائريّة الّذي يحثّ هو أساسا على احترام كلّ المعتقدات وضمان حريّة الممارسة لها. إنّما مقال اليوم عن هذه الفئة التي تحارب هذه المرجعيّة وبطرق للأسف  غير نبيلة البتة.
وأبدأ بأسئلة تحيّرني دائما.. إذا كان الشّعب في غالبيّته مسلما يقرّ بالألوهيّة لله وحده وبرسالة نبيّه صلّى الله عليه وسلم؟ وإذا كان هذا الشّعب يصلّي ويصوم ويزكّي؟ وإذا كان هذا الشّعب يحلف بالله؟ وإذا كان هذا الشّعب يسمِّي الله عند البدء ويحمد الله عند الختم، ويطري النّاس بالبركة والدّعاء؟ وإذا كان هذا الشّعب يبني المساجد، ويثور على من يسرقها أو يخرّبها ويرى في ذلك جرما عظيما؟
إذا كان كلّ ذلك، فلماذا هذا الإصرار على انتزاع هذا المكوّن الّذي هو جزء من شخص كل مواطن وفكره ورأيه؟ ولماذا الإلحاح على الفصل بينه وبين الدّولة والدّولة إنّما هي خادم للشّعب وضامن لهويّته؟ أليس هذا عدوانا على الشّعب ومحاولة بائسة لخلق آلة عديمة اللّون والولاء تسيّر أمور الشّعب بعيدا عن طموحاته واهتماماته؟ أليس في هذا عدوان على أبسط مبادئ الحكم الرّاشد والدّيمقراطيّة القائمة أصلا على أن السّلطة للشّعب؟ أليس في هذا مصادرة لسلطة الشّعب ووصاية عليه؟
قراءة الجزء الثاني

عبد الحميد ابن باديس يفتتح دار الحديث بتلمسان

فيديو نادر للعلّامة إبن باديس لسنة 1939 في كلمة ألقاها عندما تسلّم مفاتيح دار الحديث بتلمسان مع العّلّامة البشير الإبراهيمي ....


خير جمعية أخرجت للناس.. في ذكرى التأسيس

يقول أستاذنا محمّد الهادي الحسني عن جمعيّة العلماء المسلمين الجزائريّين أنّها خير جمعيّة أخرجت للنّاس، ولعمري قوله سديد وإن كان البعض يرى فيه إطراءا للجمعيّة بما ليس فيها. وأرى أنّ وصفه للجمعيّة هو وصف كامل ودقيق.
بداية الكلام أنّ جمعيّة العلماء المسلمين الجزائريّين قامت على الخيريّة التّي أقرّها الله تبارك وتعالى للأمّة المحمدية، فهي آمرة بالمعروف ناهية عن المنكر مومنة بالله ناشرة للإيمان حامية له في ربوع الجزائر المحروسة. فلا جرم أن مقوّمات هذه الخيريّة تنسحب على الجمعيّة وعلى كلّ جمعيّة أخرى تقوم على ما قامت عليه.
وبرجوعنا إلى تاريخنا المعاصر نجد أن الجمعيّة جسّدت وبامتياز ضمير الأمّة ولسان حال أصالتها في وجه الاحتلال البغيض، وخاصّة الأوجه الخفيّة منه. فإذا كانت العسكرة ومصادرة الأراضي وقتل النّاس وتشريد الأهالي ظاهرٌ جرمه للعيان واستعدى بنادق الشّعب وخناجره وقاومه الشّرفاء الأحرار حتى الشّهادة، فإن للاحتلال أوجها خفيّة دسّت السّموم في العسل وكدّرت صفو الماء النّقي الزّلال. فنجده قد بذر بذور العصبيّات العرقيّة والقبليّة والمذهبيّة بأنّ أظهر أنّه يرفع جهة دون جهة وعرقا دون آخر، وقرّب إليه بعض الخونة من هذا الفريق أو ذاك موهما النّاس أنّ كل الفريق معه، واشترى ذمم بعض شيوخ الزّور والزّيف ليصوّروا للنّاس أن فرنسا من قضاء الله ولايسخط على قضاء الله إلا كافر! وفي خضمّ التّجويع والتّرهيب والتّنكيل، ضعفت منابر الحقّ وأُخرصت حناجر العلم.. من هنا انبرت جمعيّة العلماء المسلمين الجزائريّين فوحّدت الكفاءات المتناثرة عبر ربوع الوطن وجمعت أصوات الحقّ في شُعب وفُروع ونواد، فتعاظم صداها وتعالت حجّتها وقلبت الكفّة إلى صوت الحق وطريق العلم وأنارت سبل الأصالة أمام شعب كاد الاحتلال أن يسلبه لغته ودينه بعد أن سلبه أرضه وماله.. وما هي إلا سنوات حتى أدرك الشّعب من جديد أن فرنسا من قضاء الله، ولكن صوت الرّصاص في أعالي الجبال تحت صيحة الله أكبر هو أيضا من قضاء الله.. ففرّ الشّعب من قضاء إلى قضاء فرارا فيه فخر المقاومة وشرف الجهاد وعز النّصر وغنيمة الشّهادة..
أدام الله جمعيّة العلماء على نهج الأوّلين ورزقها الله نصر المتقدمين.